كتاب جريمة السرقة
الفهرس
م الموضوع الصفحة
1 مقدمة البحث
2 المطلب الأول: محل السرقة
3 الفرع الأول: أن يكون مالا
4 الفرع الثاني: أن يكون ذو طبيعة مادية
5 الفرع الثالث: أن يكون منقولا
6 الفرع الرابع: أن يكون مملوكا للغير
7 المطلب الثاني: الركن المادي
8 الفرع الأول: تعريف الأخذ أو الإختلاس
9 الفرع الثاني: عناصر الإختلاس
10 الفرع الثالث: تمام فعل الركن المادي والشروع فيه
11 المطلب الثالث: الركن المعنوي
12 الفرع الأول: القصد العام
13 الفرع الثاني: القصد الخاص
14 المطلب الرابع: "نية التملك"
15 الفرع الأول: نية التملك وأراء الفقهاء فيها
16 الفرع الثاني: عناصر نية التملك ومعاصرتها لفعل الإختلاس
17 الفرع الثالث: اثبات نية التملك وأثر انتفاءها
18 الخاتمة
19 قائمة مراجع البحث
1-مقدمة البحث
تعتبر جريمة السرقة من أشهر وأقدم الجرائم الواقعة على الأموال،والسرقة لغة هي"أخذ المال خفية"، أما قانونا فهي"إختلاس مال منقول مملوك للغير بنية تملكه". وقد عالج المشرع العماني السرقة والجرائم الملحقة بها في الفصل الأول (أخذ مال الغير) من الباب الثامن من قانون الجزاء،وقد عرفت المادة (278)السرقة بأنها"أخذ مال الغير المنقول بصورة غير شرعية". ومن تعريف الفقه للسرقة يتضح أنه يجب أن ينصب فعل الإختلاس أو الأخذ على مال وأن يكون هذا المال منقولا وأن يكون مملوكا للغير.فإذا توافرت الشروط السابقة في محل السرقة،وقام الجاني بأخذ هذا المال والإستيلاء عليه بدون رضاء صاحبه وهو ما يشكل قوام الركن المادي لهذه الجريمة،وكان الجاني عالما حينها أنه يأخذ مالا ً منقولا ً مملوكا لغيره بدون رضاء صاحبه وأتجهت إرادته المعتبرة قانونا إلى تحقيق النتيجة المرجوة من تمام الركن المادي،وهو ما يعرف بالركن المعنوي للجريمة،فإننا نكون أمام جريمة سرقة، وأضاف فقهاء القانون ركنا خاصا بالإضافة إلى الأركان الثلاثة السابقة وهو "نية التملك".وسوف نتناول في هذا البحث المبسط نية التملك (الركن الخاص) في جريمة السرقة ونحاول أن نسلط الضوء عليها ونبين عناصرها وأرآء الفقهاء فيها ونبين على من يقع عبء إثباتها وأثر إنتفاء هذه النية في البنيان القانوني لجريمة السرقة.وحتى يكون موضوع البحث متكاملا فإننا سوف نعرج على عجالة لأركان جريمة السرقة الثلاثة السابق ذكرها في ثلاث مطالب متتالية ونخصص المطلب الرابع والأخير لنية التملك.
2-المطلب الأول:محل السرقة
يقصد بمحل السرقة الشيء الذي تتعلق به الحقوق والمصالح المعتدى عليها وينصب عليه الفعل الإجرامي.ويشترط في محل السرقة توافر أربعة شروط هي الأول أن يكون موضوع السرقة مالأً والثاني أن يكون المال ذو طبيعة مادية والثالث أن يكون مالا منقولا والرابع والأخير أن يكون مملوكا للغير.وسوف نتناول هذه الشروط على عجالة في أربعة فروع متتالية.
1-الفرع الأول:أن يكون موضوع السرقة مالاً:
لا يصلح الشيء محلا للسرقة إلا إذا كان مالا،ويقصد بالمال"كل شيء يصلح محلا لحق عيني وعلى وجه التحديد حق الملكية" وقد عرفه القانون المدني المصري بأنه:"كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلا للحقوق المالية والأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها،أما الأشياء الخارجة عن التعامل بحكم القانون فهي التي لا يجيز القانون أن تكون محلا للحقوق المالية .
ويتفق الفقه على عدم وقوع السرقة على شيء مباح مثل الماء والهواء ولكن إذا كان القانون المدني ينفي صفة المال عما لا يجوز التعامل فيه بين الأفراد، فإن قانون العقوبات يضع حدوداً أكثر إتساعا لمعنى المال،فلا تنتفي صفة المال عن الأشياء التي تكون حيازتها محرمة أو غير مشروعة كالمخدرات.وفي معنى السرقة لا يهم أن يكون محل الجريمة من المواد الممنوع حيازتها أو التعامل فيها.إذ أن المشرع الجزائي يحمي حق الملكية لذاته.فإن كان الشيء يمكن تملكه وله قيمة،فإنه لا ينظر فيما إذا كانت حيازته مباحه أم محرمه أو فيما إذا كان الحائز للمال قد حصل عليه عن طريق مشروع أم غير مشروع .ويعني ذلك وجوب توافر أمران في محل السرقة الأول أن يكون الشيء قابلا للتملك وعلى ذلك فالإنسان لا يمكن أن يكون محلا للسرقة لأنه ليس شيئا يمكن تملكه وإن كان يمكن أن يكون محلا لجريمة أخرى كالخطف وحجز الحرية وينبني على نفي صفة المال عن الإنسان أن جسمه لا يعتبر مالا.ولكن الأعضاء الصناعية كالذراع الخشبية أو الساق المعدنية هي أموال ويتصور سرقتها،بل أن الأعضاء الطبيعية تصير مالاً إن إنفصلت من الجسم الحي التي كانت جزءا منه وتعتبر ملكا لصاحب هذا الجسم ومن ثم يتصور سرقتها،فمن قص شعر إمرأة رغما عنها واستولى عليه يعتبر سارقا له بالإضافة إلى ما ينطوي عليه فعله من إيذاء بدني .والعنصر الثاني أن يكون شيئا ذا قيمة ،ويمكن أن تكون قيمة المال مادية تقدر بثمن أو معنوية كالخطابات والصور التذكارية فهي تصلح محلا للسرقة بغض النظر عن قيمتها سواءاً كانت مادية أو معنوية .ولا أهمية لقيمة المال المسروق كبيرة أم ضئيلة،فالشيء يكتسب صفة المال أياً كانت قيمته. وقد قضت محكمة التمييز الأردنية"بأن السرقة تتم بنقل حيازة المال من يد حائزه بدون رضاه إلى يد السارق ولا عبرة لقيمة المال المسروق مهما كانت قيمته ضئيلة حتى ولو لم تكن لهذا المال إلا قيمة أدبية لا يقدرها إلا المجني عليه .والمشرع العماني في المادة (281/2) من قانون الجزاء، إعتبر إختلاس المال سرقة أياً كانت قيمته،إلا أنه جعل سرقة الأموال ذات القيمة التافهة من الجرائم التي يحتاج تحريكها إلى شكوى من المجني عليه وتسقط بتنازله.والوقت الذي يعتد فيه بقيمة المال هو وقت وقوع الإختلاس، فإذا كان الشيء مجردا تماما من القيمة وقت الإختلاس فإنه لا يصلح محلا للسرقة.
2-الفرع الثاني:أن يكون المال ذو طبيعة مادية:
وهذا الشرط تفرضه طبيعة الأخذ أو الإختلاس في جريمة السرقة بإعتباره الإستيلاء على الحيازة الكاملة،وهو مالا يتصور إلا بالنسبة للأشياء المادية.والشيء المادي"وهو ما يشغل حيزا ملموسا في الفراغ الكوني أو هو كل ما له كيان ذاتي مستقل في العالم الخارجي أو هو كل ماله طول وعرض وسمك بصرف النظر عن حجمه أو وزنه أو هيئته .وصورة مادة الشيء سواء لدى القانون:فالأجسام الصلبة والسوائل والغازات جميعا ذات كيان مادي،ومن ثم تصلح جميعا موضوعا للسرقة،فالسوائل على إختلاف أنواعها لها كيان مادي وعلى سبيل المثال فالماء-وإن كان في مجاريه الطبيعية مباحا-إلا أنه إذا استولى عليه شخص حازه بذلك وملكه،فمن إعتدى على ملكيته وحيازته كان سارقا. وتطبيقا لذلك فإن الشخص الذي يستولي على المياه من الأنابيب أو المستودعات التي تختزنه فيها هيئه لتنقية المياه وتوزيعها دون أن يتفق معها على ذلك يعتبر سارقا .وتقع السرقة على الغازات أيضا على الرغم من أنها لا تدرك بالحس لأنه يمكن حيازتها ونقلها وتملكها من خلال ما تعبأ فيه سواءٌ في أنابيب أو قوارير ومن أمثلة هذه الغازات غاز الكلور وغاز البوتجاز،فإذا كان الشيء غير مادي،أي معنوي فإنه لا يصلح أن يكون محلا للسرقة كالحقوق والآراء والأفكار والشعر والنثر،لأنها أشياء معنوية لا تدرك بالحس ولكنها إذا أفرغت في محرر كعقد أو كتاب،فإن هذه المحررات تصبح مالاً ماديا يصلح لأن يكون محلا للسرقة وهكذا تقع السرقة على مادة العقود التي تدون فيها الحقوق أو الكتب التي تدون فيها الأفكار.أما الحقوق والأفكار في حد ذاتها لا تحميها نصوص السرقة وإنما تحميها نصوص خاصة ،كقانون حماية الملكية الفكرية.
والمنافع-أي حالة إستعمال الشيء-تتجرد من الكيان المادي لأنها مجرد حالة ومن ثم لا تصلح محلا للسرقة،فمن إتخذ مكانا في وسيلة نقل عامة دون أن يدفع مقابلا لذلك ومن طهى طعاما على موقد لغيره ومن برد شرابا في ثلاجة غيره كل أولئك لا يرتكبون سرقة.ولكن الشيء الذي تصدر منه المنفعة له كيان مادي فيصلح موضوعا للسرقة:فمن إستولى على وسيلة النقل أو الموقد أو الثلاجة يرتكب سرقة .
ولقد ثار الجدل بشأن حكم أخذ التيار الكهربائي.هل أن الكهرباء مجرد قوة طبيعية لا تصلح محلا للسرقة أم يعتبر شيئا ماديا وعندئذ يكون محلا للأخذ؟ ذهب الجانب الغالب من الفقه إلى إعتبار الكهرباء شيئا ماديا قابلا للتملك والحيازة ويمكن أن يقع عليه فعل الإختلاس وأستقرت أحكام القضاء على ذلك إذ إعتبرت الكهرباء مما يصلح محلا لجريمة السرقة إستنادا إلى أن وصف المال المنقول لا يقتصر على ما كان جسما قابلا للوزن طبقا لنظريات الطبيعة.بل هو يتناول كل شيء مقوم قابل للتملك وللحيازة والنقل من مكان إلى آخر-فالتيار الكهربائي وهو ما تتوافر فيه هذه الخصائص-من الأموال المنقولة المعاقب على سرقتها .وتتم سرقة الكهرباء بعدت وسائل،من ذلك توصيل سلك بسلك الكهرباء الرئيسي قبل وروده بعددات المشتركين وحينئذ تقع السرقة على مؤسسة الكهرباء،وقد تقع على المشترك إذا وصل الجاني السلك بسلك الكهرباء بعد مروره بالعداد فتضاف كمية الكهرباء التي إختلسها إلى الكمية التي يحسبها العداد على المشترك .وكذلك الحال بالنسبة لسرقة خط الهاتف.
3-الفرع الثالث:أن يكون موضوع السرقة منقولا:
تطلب المشرع العماني هذا الشرط صراحة في المادة(278)من قانون الجزاء والتي عرفت السرقة بأنها"أخذ مال الغير المنقول...."والعلة من ذلك أن السرقة هي اعتداء على ملكية المنقولات دون العقارات،إذ حائز المنقول هو الذي تتعرض حيازته وملكيته للمخاطر،بالإضافة إلى أن فعل الأخذ يعني تغير موضوع الشيء،بإعتباره الوسيلة إلى إخراجه من حيازة المجني عليه وتحقيق الإعتداء الذي تفرضه السرقة ولايتصور ذلك إلا بالنسبة للمنقول.
إن التمييز بين المنقول والعقار هو من موضوعات القانون المدني،وقد عرف العقار بأنه"كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله دون تلف".واستخلص من ذلك أن كل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول" فيقصد بالمنقول"كل شيء يمكن نقله من مكان لآخر دون تلف".أما في القانون الجنائي فيقصد به كل شيء مادي يمكن نقله من مكان لآخر،وهو بهذا المعنى يشمل في عرف القانون المدني المنقول بطبيعته والعقار بالتخصيص والعقار بالإتصال بل والعقار بطبيعته إذا أمكن نقله.فأما أمر المنقول بطبيعته فهو واضح كالنقود وقطع الأثاث والحيوانات والمحررات التي تثبت فيها الحقوق،وتقع السرقة أيضا على ما يطلق عليه القانون المدني العقار بالتخصيص:وهو في حقيقته منقول بطبيعته رصد لخدمة العقار،كأدوات الزراعة ومعدات المصنع والمكائن.وتقع كذلك على ما يطلق عليه العقار بالإتصال كالشبابيك والأبواب والأشجار المزروعة بالعقار،بل من الممكن أن تقع السرقة على العقار بطبيعته كمن يحاول أن ينزع بعض الأحجار من جدار أو جبل مثلا .
وخلاصة القول أن أي مال مهما كانت طبيعته يقبل لأن يكون محلا في جريمة السرقة في أية لحظة يتمكن خلالها السارق من رفع هذا المال ونقله من مكانه ولو أدى ذلك إلى كسره أو تلفه.وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض المصرية"بأن الحكم المطعون فيه إذا اعتبر إختلاس الأبواب والنوافذ وأخشاب سقف منزل المدعيين بالحق المدني سرقة،يكون قد إقترن بالصواب،ويضحى منحى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس،ويعد شارعا بسرقة من يضبط وهو يحاول نزع نافذة أو إقتلاع شجرة بقصد الإستيلاء عليها والإحتفاظ بها لنفسه .
4-الفرع الرابع:أن يكون المال مملوكا للغير:
يشترط في موضوع السرقة أن يكون مملوكا للغير،فالسرقة إعتداء على الملكية ولا يتصور هذا الاعتداء إلا إذا نال الفعل مالاً مملوكا للغير،ذلك أنه إذا وقع الفعل على مال يملكه المتهم فهو استعمال لحقه عليه،وإذا انصب على مال غير مملوك لأحد فهو إكتساب مشروع لملكيته.والفعل في الحالتين مشروع،فلا تقوم به السرقة، ومعنى ذلك أن الفصل في الإدعاء بالسرقة يفترض فصلا في ملكية المال المدعى بسرقته،ويجري هذا الفصل تطبيقا لقواعد القانون المدني .وللوقوف على هذا الشرط يتعين التطرق إلى ثلاثة فروض وهي:
الفرض الأول:المال المملوك للمتهم:
القاعدة "أنه لايسرق شخص ماله"وإنما يعتبر فعله المنصب على ماله إستعمالاً مشروعاً لملكيته.ولا يغير من هذه القاعدة أن تسؤ نية المتهم فيعتقد أنه ملك لغيره،فهذه صورة من الإستحالة المطلقة أو القانونية تخرج من نطاق العقاب.وتطبق هذه القاعدة ولو كانت للغير على الشيء حقوق،إذ أن هذه الحقوق لا تنفي عن الشيء ملكية المتهم له.ولا يحول دون ثبوت الملكية للمتهم أن يكون محظوراً عليه- بناءاً على سند ملكيته أو أي سبب قانوني آخر-التصرف في ماله،فشرط المنع من التصرف لا ينفي الملكية وإذا كان المال مملوك للمتهم في حيازة غيره،فاسترده عنوة فلا تقوم بفعله السرقة.ذلك أن الإعتداء على الحيازة دون الملكية لا تقوم به السرقة،فلا يعد سارقاً المؤجر الذي يسترد ماله عنوة من المستأجر والمودع الذي ينتزع وديعته من المودع لديه الذي له الحق في حبسها حتى يحصل على ما أنفقه عليها،ولكن عدم وقوع جريمة السرقة في هذه الحالات لا يحول دون قيام جرائم أخرى تتمثل في الأفعال التي تمكن بها المالك من إسترداد ماله ،مثال ذلك الضرب أوإنتهاك حرمة مسكن الغير.
وإذا كانت ملكية المال المدعى بسرقته متنازعاً عليها بين المتهم وشخص آخر فإن الفصل في الإتهام بالسرقة يرتهن بالفصل في النزاع على الملكية،فإذا أثبت الحكم أن ملكية المال لمن إستولى عليه أي الذي كان المال موجوداً عنده فلا يعتبر سارقاً،لأنه إستولى على مال يملكه وحكم المحكمة يعتبر كاشفاً للملكية وليس منشئاً لها،فالمال يعد من وقت الإستيلاء عليه مملوكاً للمتهم ولا تقوم في حقه جريمة السرقة.أما إذا كان الحكم قد أثبت ملكية الشيء المتنازع عليه للخصم،فهنا يعتبر مستولياً على مال مملوك وتقوم به جريمة السرقة ولا يغير من الحكم كون الفعل قد ارتكب قبل صدور القرار القضائي إذ الحكم كاشف عن الحق وليس منشئا له.وقد لا يحكم القاضي على من لم تثبت له الملكية بجريمة السرقة،عندما يستظهر من وقائع الدعوى ومستنداتها المقدمة أن المتهم كان يعتقد بأن الحق في ملكية المال له.وذلك لعدم توافر القصد الجنائي.
الفرض الثاني:المال المملوك للغير:
القاعدة أنه إذا كان المال المدعى بسرقته مملوكا لشخص غير المتهم بالسرقة تحقق بذلك الإعتداء على الملكية الذي تفترضه جريمة السرقة.ولا يشترط أن يكون إسم المالك معلوما ولا تفرقة بين شخصا طبيعيا أو معنويا كذلك لا فرق أن يكون المال مملوكا لشخص أو لأشخاص عديدين ويثير هذا الشرط عدت تطبيقات وهي:
أولاً حالة المال المملوك على الشيوع:
تقع جريمة السرقة إذا وقع الإختلاس من المالك على مال لا يملكه وحده ملكية خالصة وإنما يشاركه في ملكيته على الشيوع شخص آخر.وتفسير ذلك أن الملكية على الشيوع تعني"أن يكون كل شريك مالكا بنسبة نصيبه في كل ذرة من ذرات المال المشترك"ولذلك فإن إختلاس أي جزء من هذا المال يعتبر إعتداء على ملكية الشريك .مثال ذلك إذا قام المتهم بإختلاس جزء من مال الورثة كونه وريث أيضا فإنه يعتبر سارقا ولا يصلح دفاعا له قوله أن فعله إستعمال لحقه.ذلك أنه في الوقت ذاته عدوان على ملكية شركاؤه،ولا عبرة بقوله أن ما استولى عليه من الشيء معادل لنصيبه أو أقل منه،ذلك أنه في حالة الشيوع لا يملك كل شريك جزءاً محددا من الشيء وإنما الملكية للشركاء جميعا بالنسبة لجميع ذرات الشيء .
ثانيا الأموال المفقودة أو الضائعة:
الشيء الضائع هو الذي فقد صاحبه السيطرة عليه دون أن ينصرف قصده إلى التخلي عنه وعن ملكيته له.وهو في هذا يختلف عن الأشياء المباحة أو المتروكة التي لا مالك لها.كما أن لصاحبه الحق في إسترداده ممن يوجد لديه ولو كان قد إشتراه من الغير بحسن نية .وإذا كان المال المفقود لا يزال مملوكا لمالكه،فإن استيلاء ملتقطه عليه يعتبر إعتداء على ملكيته.ويحقق من هذا الجانب جريمة السرقة،والمشرع العماني عالج هذه الحالة في المادة (297)جزاء وعاقب عليها بنفس العقوبة المقررة لإساءة الأمانة.
ثالثا المال المكنوز:
وهو الذي يعثر عليه مخبوءا أو مدفونا في عقار دون أن تثبت ملكيته لأحد،ويحدد القانون المدني من تؤول إليه ملكية المال المكنوز،وقد قضى القانون المدني المصري بأن "الكنز المدفون أو المخبؤ الذي لا يستطيع أحداً أن يثبت ملكيته له يكون لمالك العقار الذي وجد فيه الكنز أو لمالك رقبته.والكنز الذي يعثر عليه في عين موقوفه يكون ملكا خاصا للواقف ولورثته".وعلى ذلك فمتى عثر أحد هؤلاء الأشخاص على كنز في عقاره كان مالكا له ولا يعتبر إستيلاؤه عليه سرقة،أما إذا عثر عليه شخص آخر فأستولى عليه عد سارقا إذ يكون قد إختلس مالا مملوكا لغيره،وإذا عثر شخص على كنز في أرض لا مالك لها فإنه يصبح مالكا له ولا يعد سارقا .
رابعا جثث الموتى والأموال المودعة معها:
لا يتصور القول بأن الجثث تعتبر شيئا مملوكا للغير،ولذلك لا يعد الإستيلاء عليها جريمة سرقة.وإنما يمكن أن يكون الفعل جريمة إنتهاك حرمة المدافن أو الجنازات والتي عاقب عليها المشرع العماني بالمادة (210) جزاء.مع ملاحظة أنه إذا كانت الجثة أو بعض أجزائها قد سلمت ممن يملك ذلك إلى معهد علمي لتكون موضوعا للبحث والدراسة فإنها بذلك تصبح شيئا مملوكا للمعهد فتقوم بإختلاسها جريمة السرقة .
أما أكفان الموتى والحلي والأعضاء الصناعية وغيرها من الأشياء التي تدفن معهم،فقد ذهب رأي في الفقه إلى إعتبارها أشياء متروكة تخلى عنها أهل المتوفي ولا يعتبر سارقا بالتالي من يستولي عليها بنية تملكها وإن كان يمكن مجازاته على جريمة نبش القبور.ولكن الراجح في الفقه هو إعتبار الإستيلاء على هذه الأموال مكونا لفعل الأخذ وتقوم به السرقة لأن أهل المتوفي لم يتخلوا عن هذه الأموال ولم يدر في ذهنهم عند إيداعها القبر مع المتوفي التخلي عنها،وبالتالي لا تأخذ حكم الأموال المتروكة لعدم توافر قصد تخلي مالكها عنها،وهم-هنا- أهل المتوفي وذويه .
الفرض الثالث:المال الغير مملوك لأحد:
إذا تم الإستيلاء على مال غير مملوك لأحد،فلا تقوم السرقة،لأن مثل هذا الفعل لا يتضمن فكرة الإعتداء على ملكية الغير.ويكون المال غير مملوك لأحد إذا كان مباحا إما بحسب أصله وإما بالترك أو التخلي عنه.
أولاً المال المباح:
الأشياء المباحة هي أشياء غير مملوكة لأحد،ولم تكن في وقت ما مملوكة والإستيلاء عليها سبب لإكتساب ملكيتها.ومن ثم لا محل لقيام السرقة به،ومن أهم الأمثلة على الأشياء المباحة الثروات الطبيعية في الكون،فمن استولى على شيء منها فهو ليس بسارق.بل يعد بإستيلائه عليه مالكا له،فمن إنتزعه منه كان سارقا له،فالمياه في البحر أو النهر والأسماك والطيور والحيوانات البرية أشياء مباحة .ومن ثم لا يعتبر سارقا من إصطاد سمكا من البحر،بل يعتبر مالكا له،ومن يعتدي على ما اكتسبه من ملكية وحيازة كان سارقا.
ويلاحظ أن إعطاء الدولة حق الإمتياز لأحد الأشخاص بالصيد في بقعة معينة من الغابة أو في منطقة معينة من البحر أو النهر لا يعطي لصاحب حق الإمتياز تملك الحيوانات أو الأسماك الموجودة في مكان الإمتياز إلا إذا كان قد إصطادها فعلا وأصبحت في حيازته،فإذا زاحمه واصطاد فيها شخص آخر،فإنه يتملك ما يخرجه منها ولا يعتبر سارقا وإن كان فعله هذا يعد إعتداءا على حق الإمتياز .ويجب آلا يثور الخلط بين الأموال المباحة وبين الأموال المملوكة للدولة،فبينما الإستيلاء على الأموال المباحة يعتبر طريقا لإكتساب الملكية، فإن الإستيلاء على أموال الدولة يعتبر سرقة.
وتطبيقا لذلك يعد سارقا من يختلس زهورا من حديقة عامة أو يقتلع أشجار من طريق عام أو يأخذ أحجار من المحاجر،ويقصد بالأموال المملوكة للدولة والتي يعتبر الإستيلاء عليها سرقة"تلك الأموال المملوكة لها ملكية مدنية،أما الجبال والصحاري والتي لم تضع الدولة يدها عليها فهي وإن كانت مملوكة للدولة،إلا أن هذه الملكية تعتبر من قبيل الملكية السياسية العليا التي تكون للدولة على كل إقليمها.وتطبيقا لذلك فإن أخذ الأحجار من الجبال من غير المناطق المخصصة للمحاجر أو أخذ الرمال من الصحراء لا يعتبر سرقة،إلا في صورة ما إذا ثبت أن الحكومة وضعت يدها عليها وضعا صحيحا يخرجها من أن تكون مباحة،وتعتبر الآثار مملوكة للحكومة والإستيلاء عليها يعد سرقة أيا كان موقعها .
ثانيا المال المتروك:
تنص القواعد المدنية على أن المنقول يصبح بغير مالك إذا تخلى عنه مالكه بقصد التخلي عن ملكيته،فالشيء المتروك هو ما استغنى عنه صاحبه بالتخلي عن حيازته وبنية إنهاء ملكيته عليه،فيعتبر بعد ذلك لا مالك له.فإن استولى عليه شخص آخر لا يعتبر سارقا،ومثال الأشياء المتروكة الملابس التي تخلى عنها أصحابها والأمتعة البالية التي يرميها أصحابها في الطريق العام.فمن عثر على شيء في الطريق من قبيل المهملات وأخذه فلا يعد سارقا،وقد عرفت محكمة النقض المصرية الشيء المتروك بأنه"هو الذي يستغني عنه صاحبه بإسقاط حيازته وبنية إنهاء ما كان عليه من ملكية فيغدو بذلك لا مالك له" .والعبرة بذلك بواقع الأمر من جانب المتخلي عن المال وليس بما يدور في خلد الجاني والتحري عن هذه الحقيقة يدخل في سلطة قاضي الموضوع الذي يبحث في الظروف التي يتبين منها أن الشيء متروك أم لا.والمصدر القانوني للصيرورة الشيء متروكا هو "التخلي"وقوامه عنصران:عنصر مادي،وهو إخراج الشيء من الحيازة وعنصر معنوي،هو نية النزول عن حق الملكية الثابت على الشيء ولا يحول دون إعتبار الشيء متروكا أن تكون قيمته كبيره،طالما أن نية التخلي عن الملكية ثابتة.ولا يحول كذلك دون إعتبار الشيء متروكا أن ترخص السلطات العامة لشخص بالإستيلاء على الأشياء المتروكة في مكان معين،ذلك أنه لا يتملكها إلا إذا استولى عليها بالفعل،وتطبيقا لذلك إذا رخصت سلطات مدنية لشخص بجمع القمامة من شوارعها ولكن شخصا آخر إستولى على أشياء منها قبل جمعها،فلا يرتكب سرقة .
5-المطلب الثاني:الركن المادي
يتكون الركن المادي في الجريمة من عناصر ثلاث،فعل ونتيجة وعلاقة سببية تربط بينهما،والفعل في الركن المادي للسرقة هو الأخذ أو الإختلاس ويقصد به "الإستيلاء على الحيازة الكاملة بدون رضاء المالك أو الحائز السابق"،أما النتيجة الإجرامية مفهومة كأثر لهذا السلوك في العالم الخارجي"فهي حركة إنتقال الحيازة الكاملة والإستيلاء عليها،وهكذا يجتمع في فعل الإختلاس السلوك والنتيجة وعلاقة سببية بينهما،إذ تكاد تعاصر النتيجة السلوك ويتزاوج العنصران داخل علاقة سببية.ولا تنفصل النتيجة عن الفعل إلا في حالة الشروع أو المحاولة كما يسميها المشرع العماني،ولبيان الركن المادي في جريمة السرقة يتعين أن نتناول بالبحث ثلاثة مواضيع أولاً بيان فعل الأخذ أو الإختلاس وثانيا لعناصره وثالثا تمام الإختلاس والشروع فيه.
الفرع الأول:تعريف الأخذ أو الإختلاس:
إن إختلاس المال في حالة السرقة هو العنصر الأساس الذي يقوم عليه البنيان القانوني لهذه الجريمة،فالإختلاس هو النشاط الغير مشروع الذي يؤدي إلى سيطرة الجاني على الشيء المسروق والظهور عليه بمظهر المالك.ولتحديد مفهوم الإختلاس وبيان ماهي اللحظة التي يتم فيها هذا العنصر الجوهري ،فإن الفقه قد بذل مجهودات كبيرة لتحديد مفهومه وقد ظهرت نظريتان:الأولى تضيق من نطاق الإختلاس وتعرف بالنظرية التقليدية،والثانية توسع من نطاقه ليشمل كافة الصور التي يسعى فيها الجاني إلى تملك مال الغير بطريق غير مشروع وتعرف بالنظرية الحديثة .وسوف نتناول هاتين النظريتين بإختصار في فرضين متتاليين:
الفرض الأول :النظرية التقليدية:
عرف الفقه التقليدي الإختلاس بأنه"نزع الشيء أو نقله أو أخذه دون رضاء مالكه بقصد تملكه"وهذا التحديد لمعنى الإختلاس يميز بين السرقة وكلا من جريمتي إساءة الأمانة والإحتيال،فإذا كان الجاني في جريمة الإحتيال يحتال على المجني عليه فيسلمه الأخير المال برضاه.كما أن الجاني في جريمة إساءة الأمانة يكون قد تسلم المال من المجني عليه بموجب عقد من عقود الأمانة،فإن الجاني في جريمة السرقة لا يتسلم المال المسروق من المجني عليه وإنما ينتزعه ويأخذه أو ينقله من حيازة المجني عليه إلى حيازته دون رضاء الأخير .
وبالرغم مما سبق فإن تحديد معنى الإختلاس وفقا لمفهوم هذه النظرية قد أظهر قصورا وأدى إلى نتائج خطيرة،وعلى سبيل المثال إذا كان الجاني قد تسلم المال من المجني عليه لمجرد رؤيته فاستولى عليه،فإنه لا يسأل عن السرقة،لأن الجاني وفقا للنظرية التقليدية لم ينتزع المال من صاحبه ولم يأخذه،كما هو الحال حين يقوم البائع بتسليم المشتري المال لمن يرغب بشرائه كي يطلع عليه قبل الشراء،فيغتنم الفرصة ويهرب بالمال.فإن فعله لا يعد سرقة .وإزاء هذه الثغرة إلتجأ أصحاب هذه النظرية إلى القول بفكرة التسليم الإضطراري والتي تقول بأن تسليم الشيء الذي تقتضيه ضرورة التعامل بين الناس لا يمنع قيام الإختلاس،فإذا سلم البائع المشتري شيئا ليعاينه ويقرر شراءه من عدمه وهرب به دون أن يدفع الثمن،فإن هذا النوع من التسليم تفرضه ضرورة التعامل بين الناس ولذلك يعتبر تسليما إضطراريا فلا يمنع من قيام فعل الإختلاس .
وقد أخذ على فكرة التسليم الإضطراري إنها لا تقوم على أساس قانوني سليم.فليس هناك في الواقع ظروف قهرية أو ضرورية بالمعنى القانوني الدقيق تكره الإنسان أو تضطره إلى تسليم ماله رغم إرادته .وفضلا عن ذلك فإن فكرة ضرورة التعامل فكرة واسعة وغير محددة فهي تشمل حالات من المسلم به أنها لا تعتبر سرقة،مثال ذلك حالة تقديم طعام أو شراب إلى شخص في مطعم ،فيتناوله ثم يفر دون دفع الثمن،وقد عاقب المشرع العماني على هذه الحالة بالمادة (289/2)جزاء.
الفرض الثاني:النظرية الحديثة:
يرى جارسون أن تعريف الإختلاس على أنه أخذ المال أو نزعه من صاحبه دون رضاه أو نقله من مكانه،لا يكفي لبيان حقيقة الإختلاس وأقترح حتى يكون معيار الإختلاس محددا،أن يتم الربط بين فعل أخذ المال وبين الحيازة القانونية وفق القانون المدني .وينطلق جارسون لشرح نظريته من عرض نوعي الحيازة القانونية،الحيازة الكاملة والحيازة الناقصة ثم يلحق بهما صورة اليد العارضة على الشيء:-
1. الحيازة الكاملة:
تفترض الحيازة الكاملة أن يكون الشيء في حوزة الشخص بإعتباره مالكا له أو مدعيا ملكيته،ويتوافر فيها عنصران:عنصر مادي"وهو مجموعة الأفعال التي تُكون الحيازة،كحبس الشيء واستعماله ونقله".وعنصر معنوي"وهو إرادة الظهور على الشيء بمظهر المالك والتصرف فيه لحسابه الخاص .
2. الحيازة الناقصة:
تكون لمن يحوز الشيء بمقتضى سند من القانون يخوله الجانب المادي في الحيازة فقط،دون أن يكون لديه قصد إمتلاكه، كالمستأجر والمستعير فهولاء يكون لهم سيطرة فعلية على الشيء بمقتضى العقد ولكن دون الإعتراف لهم بحق الملكية .
3. اليد العارضة:
تفترض اليد العارضة أن الشيء موجود بين يدي الشخص دون أن يكون له أن يباشر عليه أي حق لا لحسابه ولا لحساب غيره،فلا يتوافر للحيازة أي من عنصريها المادي أو المعنوي.
وانتهى جارسون بعد عرض هذه الحالات إلى تعريف الإختلاس بأنه"الإستيلاء على حيازة الشيء بعنصريها المادي والمعنوي في وقت واحد دون رضاء المالك أو الحائز السابق.فإذا استولى شخص على شيء في حيازة غيره عد سارقا،أما إذا استولى شخص على شيء في حيازته فإنه لا يعد كذلك.فالضابط في وجود الإختلاس يتمثل في تحقق الإستيلاء على الحيازة القانونية للشيء دون رضاء المالك أو الحائز،سواء كان الشيء في حيازة المجني عليه أم كانت تحت اليد العارضة للجاني .
الفرع الثاني:عناصر الإختلاس:
من التعريف السابق للإختلاس،نجد أن له عنصران،الأول هو الإستيلاء على الحيازة والثاني هو عدم رضاء المجني عليه وهو إما المالك أو الحائز له.وسوف نخصص لهذين العنصرين فرضين متتالين:-
الفرض الأول:الإستيلاء على الحيازة:
1- معنى الإستيلاء على الحيازة:
يعني الإستيلاء على الحيازة إخراج الشيء من حيازة المالك أو الحائز السابق وإدخاله في حيازة أخرى،سواء كانت حيازة الجاني أو غيره.فيتحقق الإستيلاء على الحيازة إذا أخرج السارق الشيء من حيازة المجني عليه وأدخله في حيازة شخص آخر،كمن يختلس مالاً من جيب أحد الركاب ثم يضعه في جيب راكب آخر،أما إذا إقتصر فعل المتهم على إخراج الشيء من حيازة صاحبه دون إدخاله في حيازة أخرى،فإنه لا يعد سارقا.مثال ذلك:من يطلق طائرا من قفص ليرد له حريته وكذلك لا يعد سارقا من يعدم الشيء في مكانه وإن اعتبر فعله إتلاف .غير أن المسألة تختلف عندما يقوم الجاني بإتلاف الشيء نتيجة لإستهلاكه،فلو كان طعاما فقام بأكله أو شرابا فقام بشربه فهذا يعد مباشرة لسلطات مادية جديدة على الشيء وإنهاء لحيازة صاحب الشيء عليه .
2- وسائل الإستيلاء على الحيازة:
لا يتطلب القانون أن يتحقق تبديل الحيازة عن طريق وسيلة معينة،بل كل الوسائل في ذلك سواء،فليس شرط أن تكون اليد هي إداة الإختلاس وإنما يجوز أن يستعين المتهم بإداة منفصلة عن جسمه ويستوي أن تكون جمادا أو حيوانا أو إنسانا حسن النية،فيعتبر مختلسا من يدرب قردا على إستخراج نقود المارة،كذلك يعتبر مختلسا من يوهم عاملا في ناد أن الشيء المملوك لغيره هو ملكه ويسأله أن يوصله إلى منزله فيفعل ذلك .
3- حالات الإستيلاء على الحيازة:
يمكن أن نبين الفروض المختلفة والتي يمكن من خلالها تحديد حالات الإستيلاء على الحيازة والتي يتحقق بها الأخذ في جريمة السرقة.وبما أن فعل الأخذ يشكل إعتداءً على حيازة الغير،فيعني وجود علاقة واضحة بين الأخذ والحيازة ويترتب على هذه الصلة نتيجتان:الأولى أن من كانت له حيازة الشيء لا يتصور أن يصدر عنه فعل إختلاس له،أما النتيجة الثانية فهي من لم تكن له حيازة الشيء وإنما كانت الحيازة لغيره،يتصور أن يصدر عنه فعل إختلاس لهذا الشيء .
ففي الحالة الأولى:لا شك أنها واضحة،حيث يعتبر الشخص حائزا للشيء وبالتالي إذا استولى عليه لا يعتبر سارقا.فإذا إنتقل حقه إلى شخص آخر وامتنع من تسليمه له فلا يعد سارقا .كالبائع الذي يرفض تسليم المبيع إلى المشتري، وقد تكون الحيازة ناقصة:كحيازة المستأجر والمستعير فإن امتنع أي من هؤلاء عن رد الشيء الموجود لديهم إلى صاحبه لا يعتبر سارقا لعدم وجود إعتداء على الحيازة.
أما الحالة الثانية:أن يكون الشيء في حيازة غير الجاني وتحت يده،وفي هذه الحالة إذا وقع إستيلاء على حيازة الشيء عد الفعل إختلاسا .
وهناك حالة ثالثة تثير صعوبة في الواقع العملي وهي حالة وجود الشيء في حيازة الغير ويقوم بوضعه تحت يد الجاني،فوجود الشيء في يد الأخير ليس من قبيل التسليم الناقل للحيازة،وإنما هو تسليم على سبيل اليد العارضة التي لا تولد أي حق لمن وضع الشيء بين يديه .وللوقوف على هذا الفرض ينبغي تفصيل نوعي التسليم،الأول الذي تنتقل به الحيازة وينفي فعل الأخذ والثاني تسليم على سبيل اليد العارضة وفيه يمكن أن يحصل فعل الإختلاس:
أولاً التسليم الناقل للحيازة:
لكي نكون أمام تسليم ناقل للحيازة وبالتالي يمتنع فعل الأخذ عنه في حالة الإستيلاء على الحيازة، يجب توافر ثلاثة شروط هي:
1- يجب أن يكون التسليم صادرا من إرادة معتبرة قانونا،أي مدركة الأثر القانوني الذي تتجه إليه،ومن ثم يعتد بها القانون من حيث الصلاحية لإحداث هذا الأثر.أما الإرادة غير المميزة فلا يعتد بها.ومن ثم لا يقوم بها التسليم:فمن تناول من مجنون أو سكران أو صبي غير مميز شيئا ثم استولى عليه كان سارقا له .
2- يجب أن يكون التسليم صادرا من مالك الشيء أو حائزه حيازة ناقصة،أما صاحب اليد العارضة على الشيء فلا يملك أن ينقل إلى حيازة هذا الشيء لأن فاقد الشيء لا يعطيه .
3- يجب أن يكون التسليم بقصد نقل الحيازة سواءا كان بنقل الحيازة الكاملة أو الناقصة،أما إذا كان التسليم على سبيل اليد العارضة،فلا يمنع فعل الأخذ .
والخلاصة أنه إذا توافرت للتسليم الشروط السابقة ورفض الجاني رد الشيء فلا يقع الإختلاس الذي تقوم به السرقة،ويدخل ضمن هذا التسليم،التسليم الرمزي مثاله:أن يسلم المجني عليه شخص آخر مفتاح الخزنة ويقوم الأخير بفتحها وأخذ ما فيها فلا يعتبر سرقة.وكذلك التسليم بناء على خطأ، مثاله:الخطأ في شخص المتسلم كأن يسلم المدين الدين إلى غير دائنه،والتسليم المبني على غش كالمشتري الذي يوهم البائع أنه دفع الثمن فيصدقه ويسلمه الشيء المبيع.
ثانيا:التسليم غير الناقل للحيازة:
هو الذي يقصد به وضع الشيء في يد شخص دون أن يكون القصد من ذلك نقل حيازته.أي أن التسليم مجرد مناولة مادية للشيء لا يترتب عليها الأثر القانوني للتسليم وهو نقل الحيازة.وإنما يقتصر أثرها على أن يكون للمتسلم على الشيء يد عارضة تسمح له أن يعاينه ويتفحصه دون أن يكون له صفة قانونية تتيح له أي سلطة فعلية عليه .ومعنى ذلك أن من له اليد العارضة على الشيء لا يعتبر حائزا له.وبالتالي إذا اعتدى على الشيء واستولى عليه عد فعله إختلاسا،فإذا ناول البائع الشيء إلى الراغب في الشراء لرؤيته أصبحت له عليه اليد العارضة فإذا فر به عد سارقا.
ويشترط في التسليم على سبيل اليد العارضة ويقوم به الأخذ،أن يبقى الشيء المسلم تحت رقابة وإشراف صاحبه يراقبه وكأنه ما زال في يده على الرغم من تسليمه إلى الشخص الآخر،أما إذا كان التسليم مقصودا به الإبتعاد بالشيء عن صاحبه فترة من الزمن سواء كانت طويلة أو قصيرة ففي هذه الحالة تنتقل الحيازة لمستلم الشيء ولا يتصور وقوع الأخذ الذي تقوم به السرقة .
الفرض الثاني:عدم رضا المجني عليه:
ليس رضا المجني عليه (مالك الشيء أو حائزه)سببا لإباحة السرقة،ولكن عدم رضائه عنصر في الإختلاس.ومن ثم يعتبر رضاؤه نافيا لهذا العنصر ونافيا الإختلاس تبعا لذلك.وعلة تطلب هذا العنصر أن الإختلاس إعتداء على حيازة الغير،ولا يتحقق هذا الإعتداء إلا إذا ارتكب الفعل بدون موافقة الحائز عليه،لأنه إذا كان بموافقته فهو صورة لمباشرة السلطات التي تنطوي عليها الحيازة .
ويجب التفرقة بين عدم رضاء المجني عليه بوقوع فعل الإستيلاء على الحيازة وبين علمه بذلك،فعدم الرضاء لا عدم العلم هو الذي يهم في جريمة السرقة.فقد يكون المجني عليه عالما بوقوع الإستيلاء على الشيء الذي في حيازته ومع ذلك تقع السرقة إذا كان غير راض عن ذلك .مثال ذلك أن يكون المجني عليه على علم بوقوع الإستيلاء فيتظاهر بالجهل أو بالنوم حتى تتم السرقة إبتغاء ضبط الجاني متلبسا بالجريمة.
ويشترط في الرضاء عن فعل الأخذ أو الإختلاس أن يكون سابقا أو معاصرا لهذا الفعل حتى تنتفي السرقة،أما الرضا اللاحق،فلا يؤثر في قيام الجريمة وإن كان ذلك مما يمكن أخذه بعين الإعتبار كسبب مخفف تقديري للقاضي عند فرض العقوبة .ولا يشترط في عدم الرضا أن يكون صريحا،كأن يقاوم الجاني ويتمسك بالشيء المستولى عليه،وإنما يمكن أن يكون ضمنيا يستفاد من ظروف وملابسات الواقعة كوجود المال في مكان محكم الغلق إحتاج الجاني في سبيل الوصول إليه إلى التسور والكسر واستخدام مفاتيح وغير ذلك .
الفرع الثالث:تمام فعل الأخذ والشروع فيه:
إن لتحديد لحظة تمام الركن المادي للسرقة أهمية بالغة،إذ يوضح ذلك ما إذا كنا أمام جريمة سرقة أم مجرد محاولة أو الشروع فيها.فيعتبر الركن المادي للسرقة تاما إذا تحققت جميع عناصره،ويفترض هذا الركن إخراج الشيء من حيازة المجني عليه وإدخاله في حيازة أخرى.ويعني الإخراج من الحيازة:إنهاء جميع السلطات التي كان في وسع المجني عليه مباشرتها على الشيء.ويعني الإدخال في الحيازة:صيرورة الشيء موضوعا لسلطات يباشرها عليه الحائز الجديد .ومؤدى ذلك أنه إذا كان الشيء لا يزال-على الرغم من النشاط الذي بذله المتهم-موضوعا لسلطات المجني عليه أو كان المتهم لا يستطيع مباشرة سلطات عليه،فالسرقة هنا تعتبر في مرحلة المحاولة.
على أن اللحظة التي يدخل فيها الشيء في حيازة الجاني وتعتبر السرقة تامة هي مسألة موضوعية تقدرها محكمة الموضوع،إذ أنها تختلف من واقعة إلى أخرى،وهناك حالات تعتبر فيها السرقة تامة على الرغم من أن الجاني مازال في المكان الذي وقعت فيه الجريمة،كحالة الخادم الذي يسرق شيئا من صاحب المنزل الذي يعمل فيه ويضعه في غرفته الخاصة،فيعتبر مرتكبا لجريمة السرقة على الرغم من بقاء الشيء في المنزل .أما لو وضع الخادم الشيء في إحدى غرف المنزل تمهيدا لنقله إلى مكان خاص،فالجريمة لا تعتبر تامة وإنما شروعا في السرقة.
وقد لا يتمكن الجاني من إتمام جريمة السرقة لأسباب خارجة عن إرادته،عندئذ لا يجوز مساءلته عن جريمة تامة،وإنما يسأل عن الشروع فيها إذا كان قد بدأ بتنفيذ الركن المادي لهذه الجريمة.فالشروع في الجريمة أو محاولة إرتكابها يعني"إتيان الأفعال التي ترمي مباشرة إلى تحقيقها إلا أن النتيجة لا تتحقق لسبب خارج عن إرادة الجاني.وتعتبر الواقعة شروعا في كل حالة لم يتحقق فيها تمام جريمة السرقة،وقد أرست المحكمة العليا بالسلطنة مبدأ في ذلك قضت فيه "أن النشاط الإجرامي في محاولة إرتكاب جريمة السرقة هو ذاته في الجريمة التامة،إلا أنه في المحاولة لم تكتمل لسبب خارج عن إرادة الفاعل ولا يد له فيه،وأن الركن المعنوي فيهما واحد وهو قصد جنائي في تحقيق النتيجة الجرمية" .وتعتبر الجريمة تامة من الوقت الذي ينشيء فيه الجاني حيازة كاملة مستقرة وهادئه له أو لغيره،فإذا لم تكن كذلك عدت شروعا .مثال ذلك إذا قاوم المجني عليه الجاني وتبعه بالصياح،فإن الواقعة تعتبر شروعا طوال هذه الفترة إلى أن تنتهي المقاومة أو الصياح وتصبح الحيازة هادئه ومستقرة.
6-المطلب الثالث:الركن المعنوي
تعتبر السرقة من الجرائم العمدية التي يتخذ فيها الركن المعنوي صورة القصد الجنائي،والقصد الجنائي-كما هو معلوم- يتكون من عنصرين هما العلم والإرادة.وهو في جريمة السرقة يتضمن العلم بعناصر الجريمة أي يجب أن يعلم الجاني بأنه يستولي على منقول مملوك للغير بدون رضاه،وأن تتجه إرادته إلى فعل الأخذ أوالإختلاس،أي الإستيلاء على الحيازة الكاملة.
وبالإضافة إلى القصد العام،فإنه يجب توافر قصد خاص في جريمة السرقة هو نية التملك.وسوف نقسم هذا المطلب إلى فرعين،الأول نخصصه للقصد العام والثاني للقصد الخاص.
الفرع الأول:القصد العام
عرف المشرع العماني في المادة(80)قانون الجزاء،القصد بأنه"النية الجرمية هي إرادة إرتكاب الجريمة على النحو الذي عرفها به النص القانوني،ولا يمكن لأحد أن يحتج بجهله للشريعة الجزائية أو بفهمه إياها بصورة مغلوطة".ويتحقق القصد العام بتوافر عنصرين الأول:أن يعلم الجاني بأركان الجريمة وعناصر هذه الأركان ويعلم بأنه يستولي على مال منقول مملوك للغير،وأن هذا الإستيلاء بدون رضاء صاحبه.والثاني:أن تتجه إرادته إلى القيام بالفعل وتحقيق نتيجته الجرمية .وسوف نخصص لهذين العنصرين فرضين متتاليين.
الفرض الأول:العلم
لا تكفي إرادة إرتكاب فعل الإختلاس لتحقق القصد العام في جريمة السرقة،وإنما يجب فضلا عن ذلك، أن يحيط علم الجاني بأركان الجريمة فيكون عالما بأنه يقوم بفعل إختلاس،أي إخراج الشيء من حيازة وإدخاله في حيازة أخرى دون رضاء المجني عليه،وبأن فعله يقع على مال منقول مملوك للغير .
1- علم الجاني أنه يقوم بفعل الإختلاس:
أي يجب أن ينصرف علم الجاني إلى أنه يقوم بفعل الإختلاس،بمعنى الإستيلاء على الحيازة وتخلف رضاء المجني عليه.فلا يكفي علم المتهم أن المال في حيازة غيره الذي لم يرض بخروجه منها إذ قد يجهل أن من شأن فعله المساس بهذه الحيازة،وهذا الجهل ينفي العلم بالإعتداء على حيازة الغير وينفي القصد تبعا لذلك.فمن يحمل حقيبته التي وضع فيها شخص دون علمه مالا منقولا مملوكا لغيره، لا يتوافر لديه القصد،لأنه لا يعلم وقت فعله-وهو حمل الحقيبة-أنه يدخل بذلك مال غيره في حيازته .ويجب كذلك أن يكون الفاعل في جريمة السرقة عالما بأنه يختلس مال الغير بدون رضائه،فإذا كان الشخص يعتقد حين أخذ مال الغير أن صاحب المال يرضى بأخذه،فلا يكون سارقا لإنتفاء القصد الجرمي.بل أن السرقة لا تقوم إذا توافر رضا صاحب المال عند أخذ الفاعل لهذا المال حتى ولو كان من استولى عليه يعتقد أنه يختلسه بدون رضاء صاحبه،وسبب إنتفاء السرقة يعود لتخلف الركن المادي .
2- علم الجاني بأن فعله يقع على منقول مملوك للغير:
يجب أن يعلم الجاني أنه استولى على منقول مملوك للغير،فإذا كان يعتقد غير ذلك إنتفى لديه القصد الجنائي.فإذا اعتقد الجاني أن المنقول مملوك له أو أنه مباح أو متروك فلا يتوافر العلم ولا يقوم القصد الجنائي.
وينبغي التفرقة بين الجهل بالقانون والجهل بالوقائع،فالجهل بالقانون لا يعتبر عذرا للجاني،فإذا إعتقد الدائن أن من حقه الإستيلاء على أموال المدين في حدود حقه فلا يعتد بهذا الغلط.أما الجهل بالوقائع فيؤدي إلى إنتفاء القصد الجنائي،كما لو إنصب الجهل على قاعدة مدنية متعلقة بأسباب كسب الملكية أو إنتقالها أو فقدها.ومثالها أن يسترد البائع الشيء المبيع من المشتري الذي لم يدفع الثمن وماطل في ذلك بحيث إعتقد البائع أن الملكية لم تنتقل إليه .
الفرض الثاني:الإرادة
لا يتحقق القصد العام في جريمة السرقة إلا إذا إتجهت إرادة الجاني إلى إخراج الشيء من حيازة المجني عليه وإدخاله في حيازته،وكانت إرادته معتبرة.بأن كانت مميزة ومدركة ومختارة،فإذا أكره شخص على القيام بفعل الإختلاس إكراها معنويا تتخلف لديه إرادة إرتكاب الإختلاس فينتفي القصد العام في الجريمة .وكذلك ينتفي القصد إذا كان الفاعل صغيرا أو مجنونا.
الفرع الثاني:القصد الخاص:
لا يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة السرقة،توافر عناصر القصد العام وحدها،وإنما يجب أن يتوافر لدى المتهم نية خاصة وهي"نية تملك الشيء المختلس"وهذه هي النية الخاصة الواجب توافرها في جريمة السرقة.فمن يأخذ شيئا من مالكه بدون رضاه لا يعد سارقا مادامت نيته لم تتجه إلى تملك ذلك الشيء.ويترتب على ذلك أنه إذا إقتصرت نية الفاعل على مجرد حيازة الشيء حيازة ناقصة تخلف القصد الخاص فلا تقوم جريمة السرقة،وتطبيقا لذلك لا يعد سارقا من يختلس كتابا لقراءته ثم إعادته إلى صاحبه بعد ذلك أو يختلس آلة لطباعة بعض المنشورات وردها .غير أن المشرع العماني إعتبر الحالة الأخيرة سرقة وعاقب عليها بالمادة(281/1) من قانون الجزاء،واعتبرها من الجرائم التي تحتاج إلى شكوى لتحريكها.
وسوف نتطرق بالتفصيل إلى القصد الخاص ونبين عناصره في مبحث مستقل لإعطائه أكبر مساحه من البحث.
7-المطلب الرابع:نية التملك
لا يكتمل القصد الجنائي في جريمة السرقة إلا إذا كانت غاية المختلس إمتلاك ما استولى عليه أو تمليكه لغيره.فإن وقع الإستيلاء لغرض آخر فإن القصد الجنائي لا يقوم ولو ترتب على هذا الإستيلاء تجريد المالك نهائيا من ماله.فمن ينتزع شيئا مملوكا لغيره قاصدا إتلافه ثم يعدمه فور إنتزاعه لا يعد سارقا.ولا يعد كذلك من باب أولى من يختلس شيئا بقصد الإنتفاع به على أن يرده بعد ذلك إلى صاحبه،والمشرع العماني إعتبر الحالة السابقة من باب السرقة وعاقب عليها بالمادة (281/1) من قانون الجزاء،ولكنه أصبغ عليها طابع مختلف عن باقي السرقات فجعلها من الجرائم التي تحرك بشكوى من المجني عليه وتسقط بتنازله وجعل عقوبتها الحبسية لا تزيد على ثلاثة أشهر والغرامة لا تزيد على عشرين ريالاً.وسوف نقسم هذا المطلب إلى ثلاثة فروع،الأول نخصصه لبيان نية التملك وأراء الفقهاء فيها، والثاني نخصصه لعناصر نية التملك ومعاصرتها لفعل الإختلاس،أما الفرع الثالث والأخير سوف نتناول فيه إثبات هذه النية وأثر إنتفائها.
الفرع الأول:نية التملك وأراء الفقهاء فيها:
نية التملك في جريمة السرقة"تعني إرادة مباشرة السلطات التي تنطوي عليها حق الملكية.وقد اعتبر القصد الذي يقوم بهذه الإرادة قصدا خاصا،لأن الحالة التي تتجه إليها ليست من عناصر الركن المادي للسرقة،والذي يعد تاما بخروج الشيء من حيازة المجني عليه ودخوله في حيازة المتهم أو غيره .
فالنية هنا هي نية الجاني في أن يحوز الشيء حيازة كاملة ويباشر عليه السلطات التي يملكها المالك،ويحول دون أن يباشر المالك حقوقه على هذا الشيء .فإذا إقتصرت نية الفاعل على مجرد حيازة الشيء حيازة ناقصة تخلف القصد الخاص،وبالتالي تخلفت جريمة السرقة ،كمن يختلس سيارة من أجل التنزه بها ثم ردها.كذلك تنتفي النية إذا إقتصرت نية الفاعل على مجرد وضع اليد العارضة على الشيء،فمن يتناول شيئا لفحصه ورده حالا أو من يأخذ صورة للإطلاع عليها أو خطابا لقراءته ورده حالا لا يعد سارقا.
أن القول بوجوب توافر القصد